تغريدة
إهانة المؤلف!
إبراهيم فرغلي
يتحدث الكتّاب عادة عن المسؤولية والحرية، وكذلك
عن الحقوق، حقوق الإنسان وحرية التعبير، وحقوق الفقراء في العيش الكريم وغيرها. بل
إن جانبا واسعا من المجتمع يرى أن بين أدوار ومسؤوليات الكاتب كل هذه الجوانب.
وبالفعل فأغلب الكتاب في العالم يفعلون ذلك،
وبحس بالمسؤولية بوصف هذه المطالب روح الإنسانية التي ينشدونها، وهي مطلب اساسي
لكل إنسان.
لكن ماذا عن حقوق الكاتب، وبينها حقوقه الفكرية؟
من يملك أن يطالب بها؟ لا أقصد هنا طبعا حريته في التعبير، أو حقه في أن يعيش حياة
تتيح له التفرغ للكتابة، فهذا قد لا يزال من قبيل الترف. لكني فقط أقصد حقه في الملكية
الفكرية؟ حقه في الابتكار والإبداع.
من يملك مثلا أن يطالب الناشرين بزيادة حقوقه من
نسبة هي الأقل بين كل نسب العاملين في انتاج الكتاب الذي يعتمد بالكامل على أفكار
المؤلف؟ ومن يملك أن يطالب دور النشر بمكاشفة المؤلفين بحقيقة نسب توزيع كتبهم
بشفافية؟ وكيف يضمن الكاتب أن يستمر ناشر في طباعة وإعادة طباعة نسخ من كتاب
المؤلف من دون إبلاغ المؤلف لضمان الهروب من الضرائب أو من دفع مستحقات طبعة جديدة
للمؤلف؟
وبتتبع تاريخ العلاقة الطويلة بين الناشر العربي
والكاتب العربي يشعر المرء أن هذه العلاقة نتيجتها الوحيدة هي ثراء الناشر على
حساب إفقار المؤلف. علاقة غريبة تبدو مثل علاقات الاستعمار. يحصل الناشر على حق
طبع كتاب قد يكون قد استهلك من حياة المؤلف سنوات من البحث والتركيز والانشغال
والتفكير والعمل المضني، ثم يعتبر الناشر أن علاقة المؤلف انتهت بالكتاب بعد منحه
نسبة ما نظير هذا التعاقد، وأحيانا بدون نسبة، بل وفي بعض الأحيان، كما نسمع ونرى، يدفع المؤلف مرتين: مرة من أجل الطباعة ومرة من أجل شراء نسخ.
ثمة شئ مهين جدا في الصيغة الراهنة التي تجمع
بين الناشر والمؤلف. لا توجد صيغة تعاقد واحدة متفق عليها مثلا بين الناشرين في
العالم العربي، والاتفاق الوحيد على نسبة عشر ارباح الكتاب. ولا توجد صيغ تضمن
رقابة عدد النسخ الفعلية المطبوعة من اي كتاب وإعلام المؤلف بها.
واللافت للانتباه أن الصيغة الوحيدة المراقبة،
والتي تتضمن ضمانات عدد النسخ ونسب المؤلف من حقوق الملكية الفكرية، هي صيغ النشر
لدى دور النشر الحكومية!
صحيح أن أغلب الناشرين يتشكون من اسعار الورق
والجمارك وأن الكتب المطبوعة لا تباع أو توزع، إلى آخر هذه الكلاشيهات الشهيرة على
ألسنة الكثير من الناشرين للأسف، لكن اللافت أنه لا توجد دار نشر واحدة توقفت
لأنها متعثرة، أو لأن حتى أوضاع أصحابها المالية تعرضت لأي هزات اقتصادية. الشكوى
مستمرة باستمرار طباعة عناوين جديدة، وكتب جديدة، والنشر مستمر واعتبار المؤلف الضحية
الوحيدة في هذه العملية كلها مستمرة، وهو أمر مثير لأسئلة عديدة.
لن يجد المؤلف من يطالب بحقوقه، ربما لأنه من
العيب أن يطالب من يفترض به المطالبة بحقوق الآخرين والمستضعفين أو يطلب لنفسه
حقا.
عموما، هذه الكلمات مطالبة لحقوق المؤلفين،
ومحاولة لإثارة قضية حقوق الملكية الفكرية واستمراء الناشر لإهانة المؤلف، إلا من
رحم ربي.
نشرت المقال في جريدة القاهرة في 1 نوفمبر 2016
No comments:
Post a Comment