Monday, March 16, 2015

حائط المبكى


تغريدة 

حائط المبكى!



إبراهيم فرغلي


أتابع ما يكتبه أنصار ما يسمى المبادئ الثورية، وأحاول أن أتأمل فيما يكتبون خيطا يقود لمستقبل ما، لطاقة أمل، لمبادرة فعل ما. لكني أعجز حقا عن الوصول إلى شئ من هذا. فأغلب تعليقات هذا التيار النقدية تأتي كرد فعل على "أفعال" أو تصريحات الرئاسة، أو بعض مسؤولي الدولة، وعلى ممارسات سلبية من بعض مؤسسات الدولة، وهذا حق طبيعي وأساسي في عمل الرقابة الشعبية على السلطة. لكن هل يمكن حقا اعتبار مثل هذه الانتقادات المستمرة، مع عدم طرح بدائل رقابة شعبية حقا؟

تنطلق دعوة لثورة إصلاح ديني في مؤسسة الأزهر فيسألون عن حقوق الفقراء وحقوق التعليم وحقوق الإنسان. يذهب الرئيس إلى الكاتدرائية لتهنئة المصريين الأقباط بعيد الميلاد المجيد، فيترحم البعض على الشهيد مينا دانيال! ويتندر البعض على كشوف العذرية. كأن الزمن توقف بهم، من دون فطنة للتغييرات التي لحقت بالجميع: السلطة والشعب وكل من يرغب في مصر جديدة قوية، حيث تم تجاوز الكثير من التفاصيل بسبب مستجدات عالمية وإقليمية، بل وظروف داخلية معقدة بسبب إرث الفساد واللاكفاءة.

 إن التعليقات وردود الفعل التي لا يمكن أن يخرج منها الفرد بفائدة لم تعد تصلح إلا لمجالس عواجيز الفرح، أو لتأسيس حركة "الثرثرة الثورية"، لأن غالبية الجماهير، منذ تسليم الثورة للإخوان ووقوف من سلموها لهم مكتوفي الأيدي، أدركوا أن المستقبل في يد من يملك الخيال والقدرة على الفعل، وليس في يد المتشرذمين المترددين المختلفين المتناقضين الحافظين للنظريات من دون أي أرضية لها علاقة بالواقع وفهم الناس. خصوصا أن أحدا منهم لم يقدم فكرة مشروع ثقافي يعمل لصالح دعم حرية التعبير مثلا، أو لتثوير المجتمع معرفيا، لا مشروع أهلي لمحو الأمية، أو مبادرة حزبية ثورية، لا مشروعات كتابة يمكن أن تستفيد من إمكانات اللحظة الثورية. لم نعرف بديلا مؤسسيا واحدا لما ينتقدون، لم يقدموا شيئا لهذا المجتمع غير التباكي عليه!

 هذه الممارسات يمكن أن تؤسس حائط مبكى ثوري، لكنها لا تسهم في تثوير زقاق في حي شعبي، ناهيك عن إعادة بناء دولة.

من دون مبادرات عملية على الأرض للعمل في السياسة أو تكوين لبنات معارضة سياسية ثورية تسهم في نقد السلطة من جهة وإعادة بناء الدولة من جهة أخرى ستظل مثل هذه الأقاويل محصورة في نطاقها "النخبوي" المتماهي مع خطاب تحريضي "معاد" للدولة يمثله تيار الإخوان والدواعش ومن لف لفهم.


No comments:

Post a Comment