Thursday, January 19, 2017

Ibrahim Farghali wins Sawiris Cultural Awards for best novel


Ibrahim Farghali wins Sawiris Cultural Awards for best novel of 
established writers

Farghali receiving the prize from Minster of Culture



Egyptian writer Ibrahim Farghali won the Sawiris Cultural Award for best novel in the branch of Established Writers on his latest work “Maabad Anamel Al-Harir” (Temple of Silk Fingertips), published by Difaf and Al-Ikhtilaf. Farghali received the award in a ceremony held at the Cairo Opera House a few days ago, in the presence of Egyptian Culture Minister Helmi El-Namnam, a number of ministers and ambassadors of Arab and foreign countries, public figures, intellectuals and Cinema and television Stars as well as members of the jury of the Awards.
The Jury of the prize described Farghali’s novel as it draws attention to both style and form, “the writing style of this novel is humanized and steps above other narrative elements. It shows vitality of writing and its unique features. This work of fiction presents at the same time an interesting world that takes some elements of reality to create a fictional world, an imaginary one that has several fantasy paths and diverse entanglements of destinies.”
This is the second Sawiris award for Farghali in the same branch as his famous novel “Abnaa’ Al-Jabalawy” (Sons of Jabalawy) received the award of best novel for Established Writers in 2013.
Ibrahim Farghali is an Egyptian novelist who belongs to the generation of writers of the nighties. He published his first collection of short stories “Bitijah Al-ma’aaki” (Toward the lacrimal bay) in 1997. His second novel “Ibtisamat Al-Qidissine” (The Smiles of the Saints), published in 2004 and translated into English, depicts the relations between Copts and Muslims in Egypt nowadays in a sensitive distinctive style which offers an appealing mix between fantasy and reality. He also has other fiction works, described as full of imagination and magical realism such as his first novel “Kahf Al-Farashat” (Butterflies Cave), published in 1998. His other work includes two novels “Jeneyah in Qaroura” (Genie in a bottle), 2006, and “Abnaa’ Al-Jabalawy” (Sons of Jabalawy), 2009. He wrote also two novels for youth (age 11-14 years), the first “Moghamra fi Madinet Al-Mawta” (Adventure in the City of the Dead), 2014, an

d the second “Massassou Al-Hebr” (Ink Vampires), 2015.
The Sawiris Cultural Award is a prestigious Egyptian prize established in 2005 by the Sawiris Foundation, a human development organisation set up by the wealthy Sawiris family. The Awards is handed to artists in six different fields: best novel and story collection for established writers; best novel and short story collection for emerging writers; best film script for established writers, best film script for emerging writers; best theatre script; and best work of literary criticism.

Asia In - Jan 17- 2017 

Friday, January 13, 2017

رحلات الرواية


تغريــــدة

رحـلات الروايــة!


إبراهيم فرغلي

السنعوسي في الشارع الرئيس الذي جرت به أبرز أحداث فئران أمي حصة وقريبا من البيت المتخيل للجدة حصة

نصب شهيدين من شهداء السرة من زمن الغزو، وذكر في  رواية سعود


حين سكنت في القاهرة لأول مرة في العام 1990، للعمل في الصحافة، قررت أن يكون مشواري الصباحي الأسبوعي الأول في قاهرة نجيب محفوظ. أذهب إلى الجمّالية وأبدأ من خان الخليلي البحث عن البنايات التي يمكن أن يكون قد سكن بها أبطال الرواية التي تحمل الاسم، ثم أبدا البحث عن شوارع بين القصرين وقصر الشوق.
طبعا كانت الزيارة الأولى قد شهدت اخفاقات التوقع للأماكن، لأني كنت أظن شارع قصر الشوق في نفس شارع النحاسين أو قريبا منه، قبل أن يتبين لي أنه في الجهة الأخرى. وكنت أجري لونا من استعادة الروايات والشخوص، ومحاولة تمثل الطرق التي مروا بها، والكيفية أيضا التي استلهم بها محفوظ المكان، ومحاولة تخيل ما بقي مما بناه محفوظ في خيالنا وبين ما هو ماثل في الواقع.
وطبعا كانت هذه الرحلات ملهمة لأغلب رحلاتي اللاحقة لزيارة بيوت الأدباء في مدن أوربا التي سافرت لها.
تذكرت هذه الذكريات بينما كنت اطوف مؤخرا مع الكاتبين الصديقين سعود السنعوسي وعبدالوهاب الحمادي في شوارع حي السُرّة في الكويت، باعتبارها المنطقة السكنية التي تضم أبرز الأماكن التي دارت بها أحداث رواية السنعوسي "فئران أمي حصة"، وكان في صحبتنا مجموعة من نحو 25 شخصا في هذه الجولة التي دشن بها عبدالوهاب الحمادي وتسنيم المذكور مشروعا للرحلة الثقافية في الكويت والعالم أسمياه "باب للرحلات".
مررنا على كل المحطات التي ظهرت في رواية سعود، وبينها حتى الطريق الذي تخيله نهرا تجري به مياه فاسدة، ووصلنا لأعلى الجسر الذي يعلو النهر المتخيل، إضافة للبنايات التي ذكرت بالاسم، أو المدارس، أو الحدائق أو نصب الشهداء في حي السرة وغيرها.
الحمادي ممسكا بوعاء بيبسي من زمن الثمانينات أمام المتجر المذكور في رواية السنعوسي

مع سعود السنعوسي أعلى جسر البين فوق النهر المتخيل في الرواية


بوصفها التجربة الأولى لم نكن نعرف أين ستذهب التجربة، لكن المفاجأة أن هذه الجولة، التي خططها الحمادي وتسنيم المذكور، أثارت عددا من الأسئلة المهمة جدا بين القراء ممن اصطحبهم الحمادي، حول رواية فئران أمي حصة، وحول فن الرواية عموما، واستدرجت سعود نفسه للإجابة حتى عن أسئلة حول الرواية ربما لم يسبق أن تعرض لها قبل تلك الجولة. بالإضافة إلى موضوعات غير متوقعة حول قضايا مهمة جدا تخص تاريخ الكويت.  
كانت هذه الرحلة الأولى بمثابة انطلاقة لخطة طويلة خطط لها كل من القائمين على المشروع: عبدالوهاب الحمادي وتسنيم المذكور، بحيث تكون الرحلة التالية هي رحلة روايات نجيب محفوظ في القاهرة، للتعرف على الأماكن التي مثلت جزءا من مشاوير أديب نوبل الراحل في القاهرة، ثم التعرف على أماكن رواياته بحضور عدد من النقاد المصريين ممن عاصروا محفوظ، أو المتخصصين في أدبه، ثم ستكون هناك رحلات أخرى منها رحلة لندن شكسبير، ورحلة لشبونة ساراماجو، ورحلة المدن التي كانت محطات رئيسة لعصر النهضة في أروبا، وكذلك رحلة فتح الأندلس.
بشكل شخصي تعجبني الكثير من أفكار الكاتب عبدالوهاب الحمادي التي تمزج بين الثقافة والنشاط الثقافي الذي يقدم اشكالا جديدة للمعرفة وربط الواقع بالأدب، وهذه واحدة من المشروعات التي أعتبرها ستكون ملهمة جدا.
هذا مشروع يكشف قدرة النشاط الأهلي على دعم مبادرات تفتح الباب على اتساعه بين الجمهور وبين الرواية والادب أو التاريخ  أو الثقافة بشكل عام, وأتمنى حقا أن نرى الكثير من مثل هذه المبادرات غير التقليدية.
عمودي الأسبوعي "تغريدة" في جريدة القاهرة، نشر الثلاثاء 1 يناير 2017 


حواديت الروايات العربية


تغـــــريدة

حواديـــــــــــــت!

إبراهيم فرغلي







انتهيت مؤخرا من قراءة روايتين للكاتب الأمريكي فيليب روث، ومثلهما للكاتب الإيطالي إيتالو كالفينو. روايتا فيليب روث هما "الوصمة البشرية" من ترجمة فاطمة ناعوت، و"الحيوان المحتضر" من ترجمة مصطفى محمود. أما روايتا كالفينو فهما "البارون ساكن الأشجار" و"فارس بلا وجود"، وهما يشكلان بقية أجزاء الثلاثية المعروفة باسم "اسلافنا"، من ترجمة د.أماني فوزي حبشي. وكلها صادرة عن سلسلة الجوائز من الهيئة المصرية العامة للكتاب.
راودتني مشاعر متباينة في أثناء وعقب الانتهاء من قراءة هذه الروايات، ما بين الافتتان، والانبهار بطبيعة البناء الروائي في كل منها، واللغة والدقة الشديدة المتجلية في اختيار كل من الكاتبين البارعين لمفرداتهما، وكذلك من اللعب الروائي، الذي يجعل من السرد بطلا رئيسا، وليس من "القصة"، أو "الحدوتة".
يبدو فيليب روث مشغولا بالمجتمع الأمريكي المعاصر، وخصوصا بكذبات المجتمع الذي يرفع شعار الديمقراطية، بينما تتغلغل في جذوره أزمة العنصرية بشكل فادح. وهو موضوع رواية الوصمة البشرية، الرواية اللعوب بوصف مترجمتها الدقيق. بينما نجد أن كالفينو مشغول بكذبات المجتمع الأوروبي على ذاته، من خلال تحويل شعارات العدل والمساواة إلى كلاشيهات تتنافى تماما مع مضمونهما. ويقدم تصورا مختلفا لفكرة الفردية والاستقلالية من خلال نموذج البارون، المتخلي عن كل تراثه البورجوازي لكي يعيش بقية حياته أعلى الأشجار؛ مخلصا لهذه الفكرة، بإصرار، على مدى عمره الذي بلغ الخامسة والسبعين، ثم يعود كالفينو لاختبار الفكرة نفسها من خلال نموذج الفارس، بهيئته المعدنية الشائعة في أوربا القديمة، من دون أن يكون دخل تلك الدروع والمعادن الثقيلة الخاصة بحماية الفارس من الطعن، شخصا حقيقيا له ملامح.
وسوف أعود لكل رواية منها لاحقا، لأن المساحة لا تساعد على التوقف المفصل أمام هذه الروايات العبقرية.
ما أود قوله أن هذه الروايات رغم ما يلوح من اختلاف كاتبيها
وموضوعاتها للوهلة الأولى، لكنها، في القراءة المتأنية، تكشف كيف أن التراكم السردي لدى أوربا والغرب يؤدي إلى زيادة الوعي بمفهوم الرواية، مهما تباينت الأساليب. الوعي بمفهوم الرواية كنص سردي يقدم تحليلا عميقا جدا للتطورات الاجتماعية مبنية على فهم السياسي والاقتصادي

 من دون مباشرة ومن خلال الدخول عميقا تحت الجلد البشري، وعبر الذهن الإنساني الفردي المعاصر. يضع اعتبارات التطور الفكري والاقتصادي لمفاهيم الحداثة كجزء من متن السرد مغزولا في التقنية المستخدمة.
انتبهت أيضا أن سر انبهاري بهذه النصوص يعود لكونها متخلصة تماما من شوائب التشوش الذي يعاني منه السرد العربي الذي لا يزال يخلط بين "الحدوتة" باعتبارها رواية، وبين الرواية بوصفها نصا تقنيا، بمعنى أنه يبحث عن وسائل تقنية غير تقليدية ليحكي بها.
وتقديري أن المشكلة لدينا ليست في وجود نصوص عربية عديدة يكتبها كتّاب كُثُر لا تخرج من إطار فكرة "الحدوتة"، فهذا موجود حتى في الثقافة الغربية، حيث تتواجد آلاف العناوين لروايات شعبية، لطيفة، وخفيفة، أو حتى ذات موضوعات مهمة، لكنها روايات من أجل السوق الضخم المعروف بالبيست سيللر. لا تنشغل سوى بقارئ يريد بعض التسلية.
أما نحن، فلدينا روايات عديدة من "نصوص الحواديت"، يتناولها نقاد باعتبارها روايات عظيمة، أو جميلة، ثم نراها مرشحة لجوائز مرموقة تضفي عليها المزيد من المصداقية. وبين حواديت النصوص وحواديت الجوائز تغيب الرواية. 


 عمود تغريدة الأسبوعي في جريدة القاهرة، نشر الثلاثاء 10 يناير 2017



Tuesday, November 8, 2016

الإيروتيكا في مجتمعات تغتصب البشر



الإيروتيكا في مجتمعات تغتصب البشر 

إبراهيم فرغلي 




على مدى العامين الماضيين نقلت وكالات الأنباء والفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي مئات التقارير تداولت فيها مصطلحات وكلمات من مثل "اغتصاب"، "سبي"، "رق"، وغيرها مما تعبر مدلولاتها عن علاقات جنسية تتم بالعنف، أو بقهر طرف لآخر؛ أيا كانت المبررات التي تتخذ لتبريرها، على يد أفراد يعلنون أنهم ينتمون لتنظيم داعش مثلا، وغيره من التنظيمات التي تلصق توجهاتها بالإسلام.
لدينا إذن ممارسات ليست قليلة، مثل ما تعرضت له الإيزيديات مثلا، في العراق، وبعض النساء في سوريا، وكذلك في مصر حين سادت لفترة ظاهرة تحرش عنيف بدا المقصود منها إرهاب المصريات من المشاركة في التظاهرات، وهي جميعا في جوهرها، ممارسات عنيفة تعبر عن محاولة طرف لإذلال طرف آخر وإخضاعه بدنيا، باستخدام الجنس.
وفي تصفح سريع لأي موقع تواصل اجتماعي يمكنك أن تمر على عدد لا يستهان به من فيديوهات يبثها المستخدمين لفتاوي دينية تقول بإباحة التمتع بأجساد النساء من أديان أخرى وإذلالها جسديا.
والحقيقة أنني مشغول بهذا التناقض الشديد بين فكرة "المتعة" والإذلال، أو المتعة عن طريق قهر طرف لطرف آخر عن طريق الجسد، كيف يمكن أن يحقق طرف بشري متعته على حساب نقيض هذا الإحساس لدى الطرف الآخر، وكيف يمكن أن نتأمل هذا التناقض السلوكي إلا بوصفه سلوكا جنسيا غير سوي، أو غير طبييعي؟
لكن المفارقة هنا أن هذا السلوك غير الطبيعي يحظى بالتوافق الجماعي باسم الدين، على الرغم من تعارضه مع المبادئ الأولية البسيطة لحقوق الإنسان، التي يفترض أيضا أن تكون جوهر كل الأديان وليس الدين الإسلامي فقط.
فهل ثمة علاقة بين انتشار هذه المفاهيم المشوهة عن الجسد البشري، والمتعة، واحتقار جسد المرأة على هذا النحو والتصرف في جسدها باعتبارها فاقدة الأهلية له أو غير قادرة على امتلاكه، وبين غياب الكتابة الإيروتيكية في ثقافتنا العربية المعاصرة؟
هل ترتبط الإيروتيكا أساسا بشيوع نظرة إنسانية للجسد الإنساني في المجتمع؟ أم أن السبب يعود لكونها تابو يخشى الكتاب الاقتراب منه؟
أيا كانت الأسباب، وهي عديدة، فالثابت هو قلة الإنتاج الأدبي المهتم بموضوع الإيروتيكا، ولو أجرينا إحصاء للكتب الأدبية العربية التي ركزت مضمونها على الإيروتيكا فربما سنكون قادرين على إحصائها على أصابع أيدينا على أقصى تقدير، بسبب ندرتها.
في العرف الثقافي الاجتماعي السائد في المجتمعات العربية أيضا لا تزال فكرة المطابقة بين خبرات الكاتب الشخصية والكتابة الجنسية فكرة شائعة، وخصوصا إذا كانت الكاتبة امرأة، وقد يكون ذلك أحد اسباب تجنب العديد من الكاتبات التطرق للموضوع الإيروتيكي في كتاباتهن، إضافة إلى أن العديد من الكتاب لا يرون في تناول الموضوع الجنسي أهمية، وقد يعتبرونه ترفا فنيا لا تحتاج إليه الكتابة من الأساس.

وأيضا وبسبب اعتبار الموضوع الجنسي تابو لا يفضل الكثير من الكتاب الاقتراب منه، وإذ يقترب بعض الكتاب العرب من تناول موضوع الجنس فقد يكون الهدف لدى البعض منهم هو تحقيق نوع من الإثارة والدهشة من أجل الشهرة، بسبب شيوع نزعة فضائحية لدى قطاع واسع من القراء العرب، ويتمتع بنزعة فضول كبيرة في الاطلاع على المادة الإباحية، سرا في غالب الأحيان، في مجتمعات تعرف بإقبالها الشديد على هذا النوع من المواد في ظل ثقافة مكبوتة ومزدوجة تمارس في السر عكس ما تعلنه.
ثم تأتي المفارقات الكبرى في مجتمعاتنا العربية ممثلة في ملاحقة السلطات الاجتماعية والسياسية والأدبية  للفكر والأدب، ولا تتورع هذه السلطات عن منع النصوص الأدبية والفكرية فقط، بل وملاحقة كتابها أحيانا كما حدث في مصر مؤخرا بسجن الكاتب أحمد ناجي لنشره نصا في صحيفة أخبار الأدب في القاهرة.
وهكذا يبدو موضوع تناول الجنس في العالم العربي إشكاليا ومحاطا بعناصر عديدة يبدو في التحليل الأخير أنها جميعا تؤدي إلى غياب هذا النوع الأدبي، وإن وجد فسيعامل بوصفه جنسا إباحيا في المقام الأول.

وهذه الخارطة المشوشة التي يتداخل فيها السياسي بالاجتماعي والثقافي بالقانوني، تروح ضحيتها في النهاية النصوص السردية والقيم الأدبية المتعلقة بها لأنها تأتي في آخر صفحات الأولويات والنقاش.

وبهذا تختلط الأمور بدء من المفاهيم والتحديد الدقيق للمصطلحات الخاصة بمفهوم الأدب الإيروتيكي، وهو بالمناسبة مصطلح شبه مجهول أساسا لدى الغالبية العظمى من القراء العرب، مرورا بالمعايير الدقيقة التي يمكن للقارئ بل والكاتب العربي نفسه في أحيان كثيرة بين المادة الإيروتيكية وتلك البورنوغرافية التي تندرج في إطار الإثارة الجنسية من دون وضع أي اعتبار للقيمة الأدبية والمعايير الفنية، ووصولا لغياب تراكم سردي يجعل من هذه الكتابة لونا أدبيا له معاييره، ويمكن بالتالي أن يخلق حركة نقدية متخصصة ، خصوصا في ظل أزمة نقد عامة لكل ألوان السرد وربما الفنون وليس الأدب فقط.

من أهم وأشهر الكتب التي تناولت الموضوع على سبيل المثال كتاب الجنس في القصة العربية للدكتور غالي شكري، وهو كتاب مهم، يتناول الموضوع بالتأصيل النظري أولا ثم بالتطبيق على مجموعة من النصوص السردية لعدد من أبرز كتاب الرواية عدد من الظواهر الفنية وتحليل سياقاتها في تناولها للعلاقة بين الجنسين. كما أنه قدم مقدمة نظرية تاريخية في بداية الكتاب أوضح فيها الكيفية التي تطور فيها مفهوم العلاقة الجسدية بين الرجل والمرأة بناء على التطورات الفكرية والاقتصادية ومفاهيم الملكية وتأثيرها بالتالي على الظروف الاجتماعية التي مرت بها البشرية، كما تأمل تغيرات دور المرأة في المجتمع على هذه العلاقة أيضا، متتبعا الكيفية التي دون بها الجنس البشري معتقداته حول مفاهيم العلاقة الجنسية في التراث الأدبي بدء بالأسطورة والشعر ووصولا لوسائل السرد المعاصر. ومرورا حتى بالكتب المقدسة نفسها التي تناولت موضوع الجنس في مواضع عديدة؛ قصا أو أحكاما شرعية. أو حتى على مستوى الدلالة المقصودة من قصة مثل قصة يوسف في القرآن الكريم وهي تظهر قوة إرادة شخص في عدم الانسياق لرغباته الجسدية مع امرأة لا تربطه بها علاقة.

ما يهمني هنا على أي حال هو تأمل العلاقة بين شيوع المفاهيم التي تربط الجنس بالحب وبالكرامة الإنسانية وبالندية بين الرجل والمرأة والكيفية التي تتواجد بها الكتابة الإيروتيكية في هذه المجتمعات، التي لا ترى ما ينفرها من الجسد، ولا يخجلها منه أيضا. ولعل هذا ما يفسر شيوع الكتابات الإيروتيكية في أوربا إما كنوع أدبي منفصل يركز على موضوع الجسد والعلاقات بين أطرافها رجالا ونساء أو مثليين، حيث يدرك القارئ طبيعة الكتاب الذي يقرأ، ويعرف الفارق جيدا بين هذا الطابع الإيروتيكي وبين الجانب البورنوغرافي المباشر لألوان أخرى تتناول الجنس بشكل صريح وفج وتركز فقط على موضوع تفاصيل الممارسة الجنسية مثلا.

أقول أنه يبدو أن ثمة علاقة كبيرة بين انتشار هذا الأدب في مجتمع ما أو شيوعه بين ألوان الفنون والسرد وسواها وبين اتسام هذه المجتمعات بعلاقات متحررة من عقد امتلاك الرجل لجسد المرأة، أو لشيوع ممارسات القهر سواء بين الأفراد في المجتمع أو بين السلطة وهذا المجتمع. بل يمكن أن يتم ربما تحليل أدبي اجتماعي لهذه العلاقات من خلال تحليل هذه النصوص على سبيل المثال؟

بمعنى آخر ثمة علاقة مباشرة فيما يبدو على شيوع الأدب الإيروتيكي كلما انعدمت مفاهيم الفحولة الذكورية القمعية، وهو بالتالي ما قد يبرر بشكل كبير غياب الأدب الإيروتيكي في مجتمعاتنا العربية. ولعل هذه الفكرة تحتاج للكثير من التأمل لإعادة تتبع دور المرأة العربية في المجتمع خلال الفترة التي شاعت فيها نصوص عربية إيروسية بالغة القوة.
فكيف يمكن لنا اليوم أن نتأمل مجتمعاتنا العربية، وهل ثمة كتابات إيروتيكية عربية معاصرة تعبر أو ترصد تغيرا في مفاهيم التحولات التي مر بها دور المرأة العربية خلال العقود الخمسين الأخيرة على سبيل المثال، وهل أسهم الحراك العربي خلال فترة ما أطلق عليه الربيع العربي في إثارة موضوع الجسد والعلاقات الجسدية أدبيا وفنيا؟

وكيف يمكن حقا أن نتأمل وجود أي تغير في دور المرأة في ظل تصاعد موجات الانتقام الاجتماعي من جسد المرأة كما رأينا خلال الحراك، في صورة مشاهد مستحضرة على عربة الزمن من ما قبل التاريخ من مظاهر الاغتصاب الوحشي على يد داعش وسبي النساء كأننا نعود لزمن العصور الوسطى، أو اغتصابها على يد أطراف من السلطة وأنصارها في وقائع عديدة في مصر وسوريا؟

ربما يحتاج ذلك للمزيد من التأمل والنقاش


 نشرت في العدد الأول من مجلة فنون - القاهرة 





Sunday, November 6, 2016

كلمة ماجدة الجندي في احتفاء السفارة المصرية في الكويت بالغيطاني

أمسية الاحتفاء بالذكرى الأولى

 للكاتب المصري جمال الغيطاني

المكتب الثقافي المصري – الكويت

كلمة الأستاذة / ماجدة الجندي




  السادة الحضور،،،،

  الشكر والامتنان، حق وواجب في المفتتح لليلة تقام احتفاء بجمال الغيطاني، في الكويت، البلد العربي الذي أدرك قيمة الثقافة، قبل غيرها، في ذروة أن أنعم الله عليه بالثروة،  فكان انحيازه للثقافة عبر اصدارات بارزة ، اسهمت في تشكيل معالم فضاء مستنير، لكل العرب.
 فمن منّا لم يتابع مجلة "العربي" التي كانت تخصنا جميعا بمستواها المتفرد منذ صدرت؟ من منا لم يحرص علي اقتناء "عالم المعرفة"، وقد فرَدَت أشرعتها محلّقة في ثقافات الشرق بقوسه المنفرج الواسع، والغرب بكل أطيافه؟

 من يمكنه أن يتجاهل ريادة كويتية مبكرة، في توظيف المال العربي، لخدمةٍ حقيقيةٍ لانتشار الثقافة الرفيعة، والمعرفة الحقّة، ومنذ عقود بعيدة، بُغية اتساع مساحات الوعي بإصدارت ترتقي بالعقل العربي في مضمار الفن والأدب والعلم والتاريخ، وشتّي صنوف المعرفة؟
 هذه حقيقة تاريخية راسخة، لعبت فيها الكويت وفي فترة مبكرة، دورًا تأسيسيا رفيعا، للإسهام  في ازاحة أرتال من خفوت الوعي الثقافي، في حقبتنا العربية الحديثة، علينا أن نقر بها، ونحتفظ لها بخصوصية تميزها، تتبلور في اختلاف جذري عما جرى، في أقطارٍ شقيقة أخرى، حباها الله هي الأخرى بالإمكانات، لكنها مزجت ما بين السعي الثقافي والأغراض السياسية . 
هذا مُستهل يجعل من لقاء الليلة، حول جمال الغيطاني، حدث يتمتع بالألفة والطبيعية، لأنه لقاء لا أحسبه تذكرة بمرور عام على رحيل أحد ضمائر الثقافة العربية، بقدر ما هو احتفاء" بالقيم"، "والمعاني" التي نذر لها الكاتب جمال الغيطاني نفسه، والتي اتخذها طريقا وَعِرا في الحياة، انحاز خلاله إلى "الإنسان" أينما كان، معبّرا عن أشواق هذا الانسان وحقه في الحرية، والحلم والتحقق، بنزاهة وعدل.

 لست هنا في مقام القول والحديث عن قامة رحلت، أو إحياء لذكرى، بل أقول نحن في حضرة "الحياة"، وانحيازا للحياة التي كان الغيطاني ترجمانا لأشواقنا إليها، عبر إبداع شق له طريقا عربيا، مؤسّسا لتيّار أصيل في فن الرواية، مغاير لما ألفه القارئ عن التيار الغربي الشائع لكتابة الرواية.
كان الغيطاني يعبر عن ذلك المعني بقوله: إنه القادم من أعرق وأغنى تقاليد السرد الإنساني، من تراث ألف ليلة إلى كتابات المتصوفة، فكيف له أن يعرج على غير منبته وجذوره؟
ومن هذا المنطلق، الواعي والمدرك والملم  لـ "كُنه" ثقافته العربية، أضاف الغيطاني للثقافة الإنسانية.
كان يقول أن أحدا لا يعرف جنسية "ابن خلدون"، ولا التوحيدي، وأن أحدا لا يهتم أين ولد ابن بطوطة، وتحت أي شمس فتح ابن الفارض عينيه لأول مرة .. ولا .. ولا، المهم أنهم يمثلون روافد ثقافتي العربية.

أقول إن الغيطاني كان جذره مصريا عربيا انسانيا، بامتياز، نفذ إلى"المشترك"، القاسم، مابين البشر، إلى "الجوهر" الثابت الذي لا يختلف عليه الإنسان أينما كان موطنه، أو كان مآله. واحد من قامات الثقافة العربية، و ضمائرها، التي "أنشدت الحياة" في كل ماكَتَبَتْ. فإن توقف عند البصّاصين في "الزيني بركات"، فلأن الحرية "قيمة" أوليّة، لا يشابهها إلا الشهيق والزفير، وإن فضح الفساد في "حكايات المؤسسة"، فلأن الفساد  يجور على "العدل" ويهدم البنيان. وإن طال وقوفه عند رقرقات القلب كما في "الصبابة والوجد"، فلأن الحب هو ما يرطب ويعيننا علي جفوة المعاش، وإن نزفنا مع  وجع "الفقد" الإنساني كما في "تجلياته"، فلأن"الموت" هو الحقيقة التي يقف إزاءها كل البشر عاجزين. وإن سطر دقائق وتفاصيل حرب الوطن في "الرفاعي" و"أرض أرض"، فلأن إدراكه لقيمة الأوطان، والدم المدفوع للحفاظ عليها، كان حاضرا كقيمة ثابتة لا تتزحزح، ولا تخضع لأي أمور نسبية، منذ وعى الحياة وحتي الثامن عشر من أكتوبر ٢٠١٥، يوم اختاره الله سبحانه وتعالى في ذروة تجليه إبداعا، ولحكمة يدركها سبحانه وتعالى.

لكل مصري .. لكل عربي .. بل لكل إنسان، نصيب وحق ومساحة في جمال الغيطاني، ربما تفوق ما لنا، نحن أسرته، محمد الديبلوماسي بالخارجية، وماجدة الباحثة بجامعة شيكاغو، وانا التي لا أعرف توصيفا أو تعريفا لموضعي عبر اثنين واربعين عاما، وإن كنت أحمدالله بعدد انفاسي، أن منحني فرصة العيش في حضرة "الحياة". حضرة جمال الغيطاني وحتى آخر لحظة من عمري. وإن كان لي أن أقول ولو جملة تخصني فأستأذنكم البوح أنه توّجني "ملكة"، وأنه "نِعَم" ربي الكريم المستمرة.
 عفوا إن أطلت، وعُذرا، إن قصرّت، فجمال الغيطاني "معنى" اتسع، وضاقت ازاءه.. حروفي. 
وامتناني الذي بلا حدود، إليكم جميعا.

ماجدة الجندي 


Thursday, November 3, 2016

إهانة المؤلف


تغريدة

إهانة المؤلف!



إبراهيم فرغلي


يتحدث الكتّاب عادة عن المسؤولية والحرية، وكذلك عن الحقوق، حقوق الإنسان وحرية التعبير، وحقوق الفقراء في العيش الكريم وغيرها. بل إن جانبا واسعا من المجتمع يرى أن بين أدوار ومسؤوليات الكاتب كل هذه الجوانب.
وبالفعل فأغلب الكتاب في العالم يفعلون ذلك، وبحس بالمسؤولية بوصف هذه المطالب روح الإنسانية التي ينشدونها، وهي مطلب اساسي لكل إنسان.
لكن ماذا عن حقوق الكاتب، وبينها حقوقه الفكرية؟ من يملك أن يطالب بها؟ لا أقصد هنا طبعا حريته في التعبير، أو حقه في أن يعيش حياة تتيح له التفرغ للكتابة، فهذا قد لا يزال من قبيل الترف. لكني فقط أقصد حقه في الملكية الفكرية؟ حقه في الابتكار والإبداع.
من يملك مثلا أن يطالب الناشرين بزيادة حقوقه من نسبة هي الأقل بين كل نسب العاملين في انتاج الكتاب الذي يعتمد بالكامل على أفكار المؤلف؟ ومن يملك أن يطالب دور النشر بمكاشفة المؤلفين بحقيقة نسب توزيع كتبهم بشفافية؟ وكيف يضمن الكاتب أن يستمر ناشر في طباعة وإعادة طباعة نسخ من كتاب المؤلف من دون إبلاغ المؤلف لضمان الهروب من الضرائب أو من دفع مستحقات طبعة جديدة للمؤلف؟
وبتتبع تاريخ العلاقة الطويلة بين الناشر العربي والكاتب العربي يشعر المرء أن هذه العلاقة نتيجتها الوحيدة هي ثراء الناشر على حساب إفقار المؤلف. علاقة غريبة تبدو مثل علاقات الاستعمار. يحصل الناشر على حق طبع كتاب قد يكون قد استهلك من حياة المؤلف سنوات من البحث والتركيز والانشغال والتفكير والعمل المضني، ثم يعتبر الناشر أن علاقة المؤلف انتهت بالكتاب بعد منحه نسبة ما نظير هذا التعاقد، وأحيانا بدون نسبة، بل وفي بعض الأحيان، كما نسمع ونرى، يدفع المؤلف مرتين: مرة من أجل الطباعة ومرة من أجل شراء نسخ.
ثمة شئ مهين جدا في الصيغة الراهنة التي تجمع بين الناشر والمؤلف. لا توجد صيغة تعاقد واحدة متفق عليها مثلا بين الناشرين في العالم العربي، والاتفاق الوحيد على نسبة عشر ارباح الكتاب. ولا توجد صيغ تضمن رقابة عدد النسخ الفعلية المطبوعة من اي كتاب وإعلام المؤلف بها.
واللافت للانتباه أن الصيغة الوحيدة المراقبة، والتي تتضمن ضمانات عدد النسخ ونسب المؤلف من حقوق الملكية الفكرية، هي صيغ النشر لدى دور النشر الحكومية!
صحيح أن أغلب الناشرين يتشكون من اسعار الورق والجمارك وأن الكتب المطبوعة لا تباع أو توزع، إلى آخر هذه الكلاشيهات الشهيرة على ألسنة الكثير من الناشرين للأسف، لكن اللافت أنه لا توجد دار نشر واحدة توقفت لأنها متعثرة، أو لأن حتى أوضاع أصحابها المالية تعرضت لأي هزات اقتصادية. الشكوى مستمرة باستمرار طباعة عناوين جديدة، وكتب جديدة، والنشر مستمر واعتبار المؤلف الضحية الوحيدة في هذه العملية كلها مستمرة، وهو أمر مثير لأسئلة عديدة.
لن يجد المؤلف من يطالب بحقوقه، ربما لأنه من العيب أن يطالب من يفترض به المطالبة بحقوق الآخرين والمستضعفين أو يطلب لنفسه حقا.
عموما، هذه الكلمات مطالبة لحقوق المؤلفين، ومحاولة لإثارة قضية حقوق الملكية الفكرية واستمراء الناشر لإهانة المؤلف، إلا من رحم ربي.

نشرت المقال في جريدة القاهرة في 1 نوفمبر 2016